أحدثت الانتخابات البرلماننية، التي تمّت السنة الماضية، يوم 18يونيو 2015، زلزالا فيالمسار السياسي الدنماركي، حيث هيمن حزب الشعب الدنماركي المعروف بعدائه الواضحللمسلمين واللاجئين الأجانبعلىمقاعد البرلمان، وهو اليوم يعمل بنشاط استثنائي على سنّ قوانين جديدة وتفعيلها مقابل إسقاط ما سُنّ قديما لخدمةالمواطنة وحقوق اللاجئين... قوانين جديدة غاية في التشدّد والمضايقات والتضييق على ذوي الدّخل المحدود من الطبقة الضعيفة التي ما انفكّت تنمو وتتّسع في أوساط الأجانب. وتعدالجالية المسلمة جزء من هذه التركيبة الاجتماعية التي يعيش عدد من أبنائها تحت ضغطالقوانين الجديدة الضاربةفي التطرّف...
حزمة منالقوانين التعسّفيّة،كان قد أوقف العمل بها بعد سقوطالحكومة المشابهة لهذه الحكومة في سنة 2011. وهي اليوم تأخذ طريقها إلىالبروز من جديد مدعومة بغيرها ممّا سُنّ حديثا، وهو ما قد يقع البدء بتنفيذه بحلولشهر أبريل من السنة الجارية 2016م.
مهمة العلماء والدّعاةوخطباء المساجد الذين قد تحدّ من فاعليتهم القيود الإداريّة وترهقهم الآراء الغريبة التي يريدفرضها بعضالجماعات الدينية ــ المتعصبة ــ الذين جعلوا من قضيّة الاندماج والمشاركة السياسية قضية ــ ولاء وبراء ــ حيث رتبوا عليها الحرمة أو على الأقل الكراهة مع الذّنب. فهم كما قال الشيخ الراحل، أحمد سامي أبو لبن رحمه الله،في كتيبهالمتحدّث عن أزمة الرسومات: "الذين خلطوامفاهيم الولاء والبراء إذ لم تسعفهم مواهبهم في تمييز مناطات الأحكام بدقة، ولحسنالحظ فقد رصد التاريخ أحداثًا مشابهة عن جنوح فئات من هذه الأمة إلى الإفراط أوالتفريط متجاوزين ما أكرمنا الله به من وسطية الدين الحنيف، وحال هذه الفئة أسوأمن سابقاتها، فلاعتبارهم معاملة الكافر المسالم بالحسنى هي خدش في عقيدة التوحيدناصبوا العداء لقطاعات من الشعوب الأوروبية بلا مبرر". انتهى الاقتباس. وهكذا تمضي الأيام والسنين ووضع الجاليةالمسلمة بين مطرقة الجماعات المتشددة في الغرب عموما، وسندان اليمين المتطرّف غير المؤهّل بتوجّهاته العنصريّةإلى التعايش الذي يرغب فيه معظم الدنماركيين والوافدين على حدّ السواء... ولا بدّللمسلمين من فقه قد نطق به الكثير من دعاتهم، مفاده أنّه على المسلمين أن يرواأنفسهم دنماركيين مسلمين، أن يروا أنفسهم مواطنين عليهم خدمة بلدهم الثاّنيالدنمارك وعلى جميع الدنماركيين احترامهم في إطار القانون الذي يتحاكم إليهالجميع، وليس القانون المستجيب لرغبة اليمين المتطرّف خلافا لرغبة أغلب أهل هذهالبلاد المسالمة!...