أعلنت منظمة "ترانسبرانسي" المغرب، ان المغرب لازال يعاني من فساد نسقي مزمن. وجاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها اليوم الجمعة، بمناسبة احتفالها بالذكرى الثانية والعشرين لتأسيسها.
وأضافت المنظمة أن المؤشرات ذات الصلة توضح انه بعدما كانت السلطات تنكر استفحال ظاهرة الفساد فانها أصبحت تقر بها وتبادر لإعلان نوابا احتوائها لكنها لا زالت تجتنب اتخاذ اي خطوات حاسمة وقوية للقضاء عليها.
وأكدت المنظمة ان الحكومة لم تبادر بتفعيل الإستراتيجية الوطنية لمحاربة افساد، بعد سنتين من اعتمادها في ديسمبر 2015، بالإضافة الى جمود الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومكافحتها بحكم نهاية ولاية أعضائها منذ عام 2013 دون ان تتم تعيينات جديدة، وعلاوة على ذلك فان القانون الذي أنشأت بموجبه هذه الهيئة مخيب للآمال بالمقارنة مع النص السابق للهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة، الى جانب تجميد مجلس المنافسة الذي لم يعين أعضاؤه الجدد لغاية اللحظة.
وذكرت منظمة ترانسبارنسي ان مشروع قانون الحق في الوصول الى المعلومة مخيب للآمال كما انه يلتف على الحق في الوصول للمعلومة الحكومية، وتطرح هذه العناصر حسب المنظمة سؤالا حول الإرادة السياسية الحقيقية لدى السلطات العمومية.
وسجلت ترانسبارنسي ارتفاع وتيرة الاحتجاجات عاما بعد عام من اجل إدانة الفساد، حيث تشكل حركة 20 فبراير وحراك الريف أرقى هذه الاحتجاجات، معبرة عن إشادتها بهذه الحركات الاجتماعية المعبرة عن مطلب اجتماعي أساسي من اجل إقرار قيم النزاهة والشفافية في مختلف دواليب الدولة، لكن الدولة لم تأخذ مطالب هذه الاحتجاجات بعين الاعتبار وفضلت حسب المنظمة "اللجوء إلى القمع الممنهج الذي أدى الى اعتقالات واسعة ومتابعات قضائية بتهم غير متناسبة وغير عادلة وأحكام جائرة بالسجن".
وأكدت ترانسبارنسي ان الدولة لجأت إلى تقليص مساحات عمل منظمات المجتمع المدني بشكل مستمر وتبنت خطابات مفترية وممارسات مقيدة للحرية بما في ذلك رفض تسليم الوثائق الإدارية والضغط على مصادر التمويل وحظر الأنشطة العامة.
وأشارت المنظمة ان الإفلات من العقاب لازال مستمرا في المغرب حيث لازالت الشخصيات البارزة في الدولة تتمتع بالإفلات من العقاب بشكل مفضوح، فقضية التعويضات الشهرية المتبادلة بين وزير المالية السابق والخازن العام للمملكة لم تخضع لاي تحقيق كما لم يتم اتخاد تدابير تمنع استغلال المال العام، بل بالعكس تمت متابعة ومحاكمة إطارين من موظفي وزارة المالية بتهمة إفشاء السر المهني.
وأفادت ترانسبرانسي ان المعلومات التي كشف عنها "ويكيليكس" و"أوراق بنما"، لم تؤدي لأي تحقيق جدي ولا إلى استعادة الأموال التي تم تحويلها بشكل غير قانوني او معاقبة المسؤولين المحتملين عنها. بما فيها قضية الإثراء غير المشروع لبعض كبار المسؤولين الحكوميين وغيرهم من زعماء الأحزاب السياسية بتفويت أراضي الملك العمومي بسعر لا يتناسب مع قيمتها الحقيقية ولم يعرض اي كان للمحاسبة بل بلغ الأمر بوزيرين مستفيدين ان اعتبرا الأمر إكراما "لخدام الدولة".
وأكدت ترانسبرانسي ان إقالة وزراء ومسؤولين كبار اثر الحركات الاجتماعية التي عرفتها منطقة الريف اتسمت بالغموض والانحياز والجزئية، كما أنها اتخذت خارج الدوائر الحكومية وخارج الضوابط القضائية بدعوى التعليمات الملكية.
وشددت ترانسبارنسي ان الدولة لا تفي بالتزاماتها ولا تتفاعل مع مطالب معالجة الاختلالات المرتبطة بحكامة البلاد والتي تسمح باستشراء الفساد وتفسح المجال لكافة أشكال الارتشاء.
وأكدت ترانسبارنسي انها لن تحيد من اجل الشفافية ومكافحة الفساد ببلادنا وأنها لن تمانع من التعاون مع الدوائر الحكومية رغم هشاشة الإجراءات المتخذة من لدنها، حيث سبق لها ان استجابت لطلب رئيس الحكومة في التمثيل ضمن الجنة الوطنية لتتبع الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وأعلنت عن إطلاق مشروع لتتبع تنفيذ هذه الإستراتيجية.