تأثرت العديد من الأسر المغربية بالأحياء الشعبية بعدد من المدن المغربية، وضمنها مدينة الدار البيضاء، بموجة جديدة للهجرة برزت بشكل مفاجئ، تخص جيلا بكامله من الشباب ابتداء من سن 18 إلى حدود 40 سنة. إنها الهجرة المحددة، أي الهجرة إلى ألمانيا. فجأة ظهر هذا النوع من الهجرة. الذي نزل كالصاعقة على الآباء والأمهات، أمام إصرار هذه الفئة من الشباب على خوض غمار تجربة الهجرة، خصوصا بعد قيام مجموعات منهم بهذه المغامرة.
لم تعد إيطاليا تغريهم، ولا إسبانيا ولا حتى فرنسا. فقط ألمانيا اعتمادا على ما بلغهم من أخبار عن نجاح التجرية وما توصلوا به عبر »"الواتصاب« "من صور خلال الرحلة داخل القوارب الى الضفة الأخرى، وعن الطريق التي سلكوها الى اليونان عبر دولة تركيا، والاختلاط بالمهاجرين السوريين الذين خصصت لهم ألمانيا كل ظروف الإقامة والاندماج ومن بعد الشغل. فلا حديث في المقاهي، بدرب السلطان، الحي المحمدي، عين الشق، سباتة، مولاي رشيد، البرنوصي، ليساسفة،...، ثم ببرشيد، سطات، آسفي والجديدة، وباقي المدن المغربية.. إلا عن هذا الموضوع، والذي يتم تداوله حيثما وجد الشباب العاطل، أو المدمن، وحتى بين الطلبة أو الحاصلين على شواهد أو دبلومات.. الجميع يتحدث عن خوض غمار هذه التجربة التي تعتبر بالنسبة لهم ناجحة من خلال الأصداء التي تصلهم من الذين سبقوهم... فمارسوا كل أنواع الضغط على أسرهم لتلبية رغبتهم في ركوب المغامرة.
لكن هذه الرغبة ليست بالأمر الهين لعدة أسباب، أولا أنها ترتبط بالمجهول، ثانيا لأن تكلفة هذه المغامرة جد مرتفعة وأغلب الأسر التي ابتليت بهذا "البلاء " ليس بمقدورها توفير التكلفة المالية، ثالثا وهذا هو الخطير في الموضوع، وهو عند الوصول الى اليونان والالتقاء بمهاجري سوريا، لابد من إتلاف كل الأوراق التي تثبت الهوية المغربية لكي يحسبون ويعتبرون من المهاجرين السوريين. وهذا ما يخيف عائلات وأسر الذين يصرون على خوض هذه المغامرة.
إذن هي معاناة حقيقية تعيشها الأسر المغربية التي قرر أبناؤها الهجرة، عن طريق المغامرة، إلى ألمانيا؟
الغريب في الأمر أن لهذه الغاية ظهر، وبشكل غريب، سماسرة أصبحوا مختصين في إغراء الشباب الحالم بالعبور نحو ألمانيا، وبكل الوسائل بما في ذلك "غسل أدمغة" العديد منهم، ولإنجاح "سمسرتهم" فإنهم يعدونهم بتلقينهم اللهجة السورية حتى إذا ما تكلموا مع أي كان وهم على الحدود الألمانية لا يفرق بينهم وبين السوريين. "ويبقى التخوف الكبير هو"الإنقلاب " على مشروع الهجرة إلى ألمانيا، واتخاذ اتجاه آخر من تركيا إلى "جحيم" سوريا، والانضمام إلى الجماعات الإرهابية، مضطرين وليس راغبين، لأن هناك من الممكن مصادفة من يغيرون مسارهم إما تحت الإكراه، أو التغرير أو أي شيء آخر. وهنا تكمن خطورة هذه المغامرة" يقول بعض الفاعلين المهتمين بالظاهرة، مضيفين " تعرف هذه الموجة انتشارا ملحوظا في وقت ينشط السماسرة الذين يشجعون عليها الأمر الذي يجعل الأسر والعائلات المعنية في وضعية حساسة، حيث لا تجد من ينقذ أبناءها، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، من خلال حلقات تأطيرية أو برامج عبر وسائل الإعلام واللقاءات المباشرة وغير المباشرة بمشاركة مؤسسات ذات الاختصاص، كما هو شأن بعض الوزارات كالداخلية، التعليم، الشباب والرياضة، والمجتمع المدني...".
إنه خطر حقيقي يحدق بشريحة مهمة من الشباب عبر التراب الوطني، يستدعي تضافر الجهود بين مختلف الجهات، رسمية وجمعوية، وتحسيس هؤلاء الشباب بخطورة هذه الخطوة الملغومة والملفوفة بتداعيات مدمرة متعددة الأوجه.